الجمعة، 21 نوفمبر 2008

التثقيف الجنسي... صمام أمان للأطفال وللأزواج

رضوى فرغلي: إن الجنس أرقى الغرائز الإنسانية في ارتباطه النوعي بالمشاعر والعواطف، فالإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي لا يمتلك موسمًا للتزاوج أو التكاثر. وعلى الرغم من ذلك يتصور بعضهم أننا إذا استبعدنا الجنس من حياتنا وتفكيرنا وفرضنا عليه رقابة قصوى، نكون بذلك قد تحررنا منه فيتحول إلى آلة لإنتاج الأطفال فقط. كما تتطور مثل هذه الاعتقادات لتصل إلى حد القناعة والمبدأ العام الذي يستوجب الدفاع عنه وتعميمه على المجتمع، ولا نحاول مراجعة هذه الأفكار، ويكتفي كل منا بالحلول السرية التي يرتضيها لنفسه دون الإعلان عنها أو مواجهة الآخرين بها، والنتيجة أننا نعيش حالة انفصام جنسي، إن جاز التعبير، إن الثقافة الجنسية هي الإطار القيمي والأخلاقي المحيط بموضوع الجنس باعتباره المسؤول عن موقف أطفالنا من هذا الموضوع مستقبلاً، وليست الأفلام الإباحية، أو الأحاديث الجنسية الهابطة، ومن تعرف الطفل إلى جسده وفهم خريطته، ومراحل النمو الجسمي وتغيّر الأعضاء، والفرق في ذلك بين الولد والبنت أو الرجل والمرأة فيما بعد، وإعطاء معلومات مبسطة وحقيقية عن حياتنا الجنسية حسب المرحلة العمرية والقدرة العقلية للطفل، فالتهرب من الأسئلة أو الارتباك وقت إعطاء المعلومة، يلفتان نظر الطفل بشكل أكبر، ويزيدان من فضوله الجنسي، ويرفعان من درجة الخيال السلبي لديه مما قد يتسبب في مشاعر الاضطراب والقلق والرفض مستقبلاً.
اعتقادات خاطئة
لدينا بعض الاعتقادات الخاطئة.. أهمها أننا نتصور أن الجنس رذيلة، أو غريزة يجب تجنبها والابتعاد عنها قدر المستطاع أو تقنينها بحيث تصل إلى أبعد نقطة في التكوين الإنساني، وأن التحدث في شؤون الجنس يعد نوعًا من الإباحية و"قلة الأدب"، فنجد الآباء والأمهات يشعرون بالحرج، أو ما يشبه "الورطة" حين يكتشفون فجأة أن عليهم الإجابة على أسئلة أطفالهم المحرجة: كيف يولد الأطفال؟ ماذا يفعل المتزوجون؟ يتعمد الآباء الكذب على أطفالهم، أو التهرب من الإجابة، أو توبيخ أطفالهم وتعنيفهم على جرأتهم في طرح مثل هذه الأسئلة، أو في أحسن الأحوال الإجابة باقتضاب شديد وعدم ثقة. وتتفاقم المشكلة حين يزداد فضول الأطفال ورغبتهم في الاكتشاف والمعرفة، فلا يقفون عند الإجابات السطحية التي يقدمها لهم الآباء، ولا يقتنعون بعدم أهمية الحديث في أمور حيوية بالنسبة لهم، فالأمر بالنسبة إليهم دافع فطري لاكتشاف الحياة واستجابة ليقظة عقولهم التي لا تعرف المحدود.

لابد أن تتم التربية الجنسية أو التثقيف الجنسي بشكل مستمر ومتواصل من خلال وسائط مختلفة (قصة، كتاب علمي، حوار حميم داخل الأسرة، تعليق على مشهد تلفزيوني أو خبر ما) فلا نعطي المعلومة دفعة واحدة كأننا نتخلص من عبء مزعج دون مراعاة رغبة الطفل في المعرفة، أو المرحلة العمرية، أو الظرف المناسب. إضافة إلى أهمية أن يكون الشخص القائم بالتربية الجنسية حياديًا في نبرة الصوت وحركة الجسد وعدم الاشمئزاز من الموضوع المطروح للنقاش. لذلك يُُعد التثقيف الجنسي مهمة مكتملة من المفترض أن يشترك فيها المنزل والمدرسة ووسائل الإعلام، حتى لا يضطر الطفل أو الطفلة إلى أخذ المعلومة من مصدر خاطئ أو الحصول عليها بشكل مشوه يؤثر في نموه النفسي والجنسي فيما بعد.

تشوه جنسي
ما أكثر المشاكل الحياتية والزوجية التي تنتج عن افتقاد الثقافة الجنسية. وقد يتمثل هذا التشوه الجنسي لدى البعض في أكثر من جانب:

•الخوف المرضي من الجنس واحتقاره Sex-phobia فنجد الشخص يمارس العلاقة الجنسية بدرجة مرتفعة من التوتر، وعدم الكفاءة، والتركيز على الجانب الكمي لا الكيفي فيصبح كآلة لتفريغ الشهوة لا أكثر، أو ربما تتعطل لديه القدرة على الممارسة أصلاً ويبرر ذلك بعدم أهمية الجانب الجنسي في حياة الإنسان.

•الهوس الجنسي Sex-mania بمعنى إسقاط المعنى الجنسي على كل شيء، كأن يرى الشخص كل شيء في الحياة له علاقة مباشرة وبشكل مبالغ فيه بالجنس ورموزه، يؤول أي علاقة بين رجل وامرأة على المعنى الجنسي، ويفسر أي نمط من الكلام بالمعنى الجنسي، وعدم القدرة على إقامة علاقة مع امرأة خالية من الجانب الجنسي. وتتبلور الصورة الفاضحة للهوس الجنسي فيما نطلق عليه سيكولوجيًا مصطلح (كوبروفيليا) أي لذة البذاءة ففي جانبها الجنسي، نرى الشخص دائم التكرار للألفاظ الجنسية في الحديث العادي، وسب الأشخاص والأشياء، بشكل قهري كنوع من التنفيس عن كبت جنسي.

•الحرمان من العاطفة الجنسية، بأن يمارس الفرد العلاقة الجنسية مع شريكه ممارسة صماء خالية من المشاعر والحب، فهو يؤدي الطقس الجنسي بشكل كمي وظاهري فقط.
هذه وغيرها تشكلات غير سوية لافتقاد الثقافة الجنسية والتربية الخاطئة في هذا الجانب الحيوي والمهم في حياة الإنسان، ورغم ذلك ما زلنا نكابر وننادي بعزل الجنس في قمقم بدلاً من تقويمه والتفاعل معه بإيجابية وحب، والاستمتاع به كقيمة إنسانية عليا منحنا الله إياها.

كاتبة ومعالجة نفسية
radwa72@gmail.com

عن موقع إيلاف



الأربعاء، 19 نوفمبر 2008

المواقع الإباحية.. وحش يمكن ترويضه

تمثل المواقع الإباحية صداعا مزمنا في رءوس الكثيرين، فهي إحدى الآفات الخطيرة التي تصدرها شبكة الإنترنت -برغم ما تحويه من منافع وخبرات في شتى المجالات- وتمثل خطرا حقيقيا على أفراد الأسرة، خاصة الأطفال والمراهقين، فقد كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة نيوهامسفير الأمريكية أن الأطفال في العالم أصبحوا أكثر مشاهدة لمناظر إباحية عبر الشبكة العنكبوتية، وكثير منها يتم عن غير قصد لكثرة هذه المواقع وسهولة النفاذ إليها.

وتعتبر طرق مكافحة وحجب المواقع الإباحية على الإنترنت من المهام الضرورية التي يتحتم على الأسر الإلمام بها، خاصة مع التقدم في طرق استدعاء هذه المواقع على الإنترنت، لذا أجرينا حوارا مع المهندس أحمد عبد الحليم رئيس قسم الدعم التقني بموقع "إسلام أون لاين.نت" للوقوف على أبرز الطرق لحجب خطر تلك المواقع.

وأكد المهندس أحمد أن شبكة الإنترنت مليئة بالكثير من المواقع الإباحية الغربية والبعض منها عربي أيضا، والتي تصيب الشاب بالكسل، والسلبية، وعدم التركيز، وإهدار الوقت، وأشار إلى أنه لا يوجد حل يضمن حجب هذه المواقع بشكل كامل، ولكن يمكن التقليل من استخدامها، وبخاصة على مبتدئي اكتشاف هذا الوسط.

ويتم حجب هذه المواقع عن طريق مقدمي خدمات الإنترنت، وذلك بوضع برامج لعمل اختبار ومراقبة للمواقع المطلوبة من قبل المستخدمين، ومقارنتها مع قاعدة بيانات تحوي ملايين من المواقع الإباحية المحظورة، وعند اكتشافها ترسل موقعا بديل للمشاهد لتنبيهه بأن هذا الموقع من المواقع الإباحية الممنوع الدخول عليها.

ويتم تحديث قاعدة بيانات هذه البرامج بطريقة يدوية أو تلقائية عن طريق الإنترنت عبر الاتصال بمُصنعي هذا البرنامج.

وتعطي هذه البرامج مجموعة من الخدمات منها:

- مراقبة استخدام الكمبيوتر من قبل الآخرين، والمواقع التي يتم زيارتها.

- تمنع أيضا الدخول على المواقع المصابة بالفيروسات، أو مثيلاتها من البرامج التي تضر بجهاز الكمبيوتر.

- تمنع دخول المتسللين إلى الجهاز عن طريق الإنترنت.

ومن هذه البرامج:

1. SurfControl

2. Web Content Filtering

3. K9 Web Protection

4. Websense.com

ومنها المجاني مثل هذه البرامج:

5. Naomi

6. Dansguardian

ويمكنك الحصول على هذه البرامج من خلال الدخول على المواقع الخاصة بها، وعمل تحميل لهذه البرامج على جهازك الشخصي، ثم اتباع خطوات التحميل والتي تكون مرفقة مع البرنامج.

وفي أغلب تلك البرامج تكون خطوات الإعداد سهلة الاستخدام، مع أهمية مراعاة عدم المبالغة في تعقيد الاختيارات لعمليات البحث والمراقبة والتدقيق، حتى لا تؤثر في سرعة الإنترنت.

رسائل إباحية

أما عن كيفية التخلص من الرسائل الإلكترونية التي تحتوي على روابط لمواقع إباحية وصور جنسية، أكد المهندس أحمد أن حجب تلك الرسائل يعتمد على نوع الخادم المستخدم لاستضافة صندوق البريد الخاص بك، والبرنامج المستخدم من خلالك لمشاهدة هذه الرسائل، وتتم المكافحة عبر الطرق التالية:

أولا: يمكن منع هذه الرسائل من خلال الخادم بتفعيل بعض الأدوات الخاصة باكتشاف ومنع مثل هذه الرسائل، قبل الوصول إليك.

ثانيا: منع هذه الرسائل من خلال برنامج مشاهدة هذه الرسائل، مثل برنامج الـ Outlook، أو غيره من البرامج المستخدمة لقراءة الرسائل البريدية، حيث تقوم بتفعيل أداة الـJunk mail، والتي تحجب كما كبيرا من هذه الرسائل، ولديك مجموعة اختيارات تحدد مستوى قوة هذه الأداة، حيث إن هذه الأداة يمكن أن تحذف بالخطأ رسائل هامة، لذلك من المهم اختيار مستوى مناسب لتقليل هذه الأخطاء.

ثالثا: إنشاء مجموعة من القواعد بشكل يدوي، بحيث تحدد فيها بعض الكلمات أو العبارات غير المرغوب في تلقي أي رسائل تحتوي عليها.

رابعا: تزود هذه الأداة بقائمة من الأفراد الموثوق فيهم، والمطلوب السماح لهم بتلقي الرسائل من خلالهم، وقائمة أخرى بالأفراد أو الجهات غير الموثوق فيها، وتحديد الإجراء المطلوب في حالة تلقي أي رسائل من هذه القائمة، مثل: حذف الرسائل قبل مشاهدتها.

خامسا: مراعاة عدم التسجيل بمعلومات عن بريدك الإلكتروني في المواقع أو المنتديات غير الموثوق فيها، حيث إنها تستخدم هذه البيانات بشكل سيئ، وتقوم بإرسال العديد من هذه الرسائل غير المرغوب فيها.

احم طفلك

ينصح المهندس أحمد عبد الحليم الأمهات باتباع مجموعة من الأساليب لحماية أطفالهن من المواقع الإباحية أهمها:

أولا: الحرص على وضع الجهاز في مكان مكشوف للجميع، وأن يتوسط الغرفة.

ثانيا: تزويد الأجهزة ببرنامج مكافحة لمنع مشاهدة المواقع الإباحية، وذلك لتقليل سهولة مشاهدة هذه المواقع، وبخاصة للمبتدئين، والتي تظهر لهم بغير قصد مما يسبب لهم الأذى والضرر النفسي.

ثالثا: الحرص على تحديد مجموعة من المهام التي يقوم بها الأطفال في استخدام الكمبيوتر أو الإنترنت، مثل: استخدام الألعاب (أهمية مراجعة هذه الألعاب قبل السماح بها)، أو مشاهدة بعض البرامج التعليمية، أو إنشاء موقع على الإنترنت، حيث يقوم الطفل بوضع معلومات خاصة به أو صور، ويستشعر نفعا من هذا العمل، وبالتالي يعتاد استخدام الكمبيوتر في أشياء نافعة.

للمدمنين فقط

وقدم المهندس أحمد مجموعة من النصائح لمدمني الدخول إلى المواقع الإباحية كي يتمكنوا من الإقلاع عن هذه العادة السيئة، وذلك عبر شغل وقت الفراغ بأشياء نافعة يستفيد منها الفرد والمجتمع.

وضرب بعض الأمثلة للأشياء التي يمكن الاستفادة منها عن طريق استخدام الإنترنت، لاغيا فكرة قطع اشتراك الخدمة لحل المشكلة، ومنها:

- الاهتمام بالمواقع المتخصصة في مجال عملك أو مجالات اهتمامك من المواقع السياسية، والدينية، والإخبارية، والثقافية، والرياضية.

- استخدام الإنترنت في البحث عن أي قضية أو أمر تحتاج فيه إلى استشارة أو مساعدة من الخبراء في هذا المجال، أو ممن صادفوا مثل هذه المشاكل، أو المواقف.

- هناك الكثير من المواقع التعليمية يمكنك الاستفادة منها، أو للأطفال في المناهج الدراسية المختلفة بشكل جيد ومبدع.

ويمكنك استخدام برنامج لمنع وحجب هذه المواقع، ويستحسن أن يتم المنع بشكل تدريجي، حتى يتمكن الشخص من النجاح في تجنب مثل هذه المواقع، وأن يتحلى الشخص بقدر من العزيمة تمكنه من الابتعاد عن المواقع بشكل ذاتي، وليس عن طريق البرنامج.

محمد السيد علي-اسلام أون لاين

إدمان المواقع الإباحية.. الخيال عندما يشوه الواقع

لا يختلف اثنان على أن المواقع الإباحية أصبحت الآن هدفًا رئيسيًّا لكثير من رواد الإنترنت في العالم، وأن أصحاب هذه التجارة لا يألون جهدًا في تحقيق الانتشار الواسع والممتد، برغم أن الأبحاث أثبتت أن 15% من مرتادي هذه المواقع يقومون بتطوير سلوك يعرقل حياتهم ويسبب لهم مشاكل جنسية ونفسية، وأنها اختزلت مفهوم الحياة في هذا الإطار، وخلقت رؤية مغلوطة جعلت الزائر يدمن هذا النوع الخيالي من العلاقات، ويستغنى به عن الزواج، مما أضعف دور الشريك في الحياة بوجه عام، وخلق حياة زوجية مليئة بالمشكلات وتسيطر عليها ملامح الندم.

أثبتت الأرقام أن المواقع الإباحية تحظى بنسبة دخول عالية جدا من متصفحي النت، فعند البحث عن كلمة (sex) في محركات البحث تظهر لك النتائج التالية:

Google 269.000.000

yahoo 99.500.000

alltheweb 33.547.731

altavista 53.771.876

hotbot 18.812.469

وعلى المستوى العربي قام أحد المراكز البحثية بحصر القوائم العربية الإباحية على شبكة الإنترنت فوجد أنها تصل إلى (171) قائمة، بلغ عدد أعضاء أقل تلك القوائم (3) أعضاء في حين وصل عدد أكثرها إلى (8683) عضوًا، ومن المواقع التي وجد أنها تحتوي على قوائم عربية موقع "جلوب لست"(globlist) فقد احتوى على (6) قوائم إباحية عربية، في حين وصل عدد القوائم العربية على موقع (التوبيكا) إلى خمسة قوائم.

والصفحات الإباحية على الإنترنت يزورها 280.34 زائرًا يوميًّا، وهناك صفحة تستقبل أكثر من 20 ألف زائر يوميًّا، كما أن هناك أكثر من ألفي صفحة تستقبل أكثر من 14.000 زائر في اليوم الواحد، وسنفاجأ حقًّا إذا علمنا أن إحدى هذه الصفحات الإباحية استقبلت خلال عامين فقط 43.613.508 زائرين، كما وجد أن 83.5% من الصور المتداولة في المجموعات البريدية هي صور إباحية.

والسؤال الآن.. هل تسببت المواقع الإباحية بالفعل من خلال هذه الأرقام في تغيير نظرتنا للعلاقات الحميمة؟ هل كنا نراها بشكل معين وتغير هذا الشكل بعد ظهور تلك المواقع على الإنترنت؟ وإن كان حدث فعلا تغيير في نظرتنا، فلماذا نجحت هذه المواقع في تكوين مفهومنا عنها؟ وما هي سلبيات وإيجابيات هذه النظرة الجديدة وانعكاساتها على الواقع المعاش، وكيف نتلاشى أثر هذه السلبيات لنتمكن من الرجوع إلى نقطة البداية؟

على أرض الواقع

يقول ع.ب.ع (اختصاصي اجتماعي 58 سنة) كنا حين أقبلنا على الزواج ينحصر كل تصورنا للجنس – بكل بساطة- في عبارة واحدة: "الحيوانات نفسها تمارس الجنس، إذن فالأمر غاية في البساطة"، وفعلا كان ذلك تصورنا، وأنه لا يستحق كل ذلك العناء ولا ذلك الانشغال، ولكننا كنا بمأمن مما يتعرض له الشباب هذه الأيام، فقد كنا راضين بما نحن فيه ولو وُجد بيننا من لا تعجبه زوجته جنسيًّا كان أقصى ما يفعله أن يأمرها بتعديل ما لا يعجبه، وكانت تنفذ، ولم يكن هناك ما يجعل المسألة تأخذ كل هذه المساحة من حياتنا كما نرى اليوم، فضلا عن أننا كنا نملأ أيامنا باهتمامات مختلفة على رأسها تلبية طلبات أبنائنا وعدم حرمانهم من أي شيء، ويؤكد أنه لم ير أحدًا من أقرانه وفي نفس سنه يُكثر من الحديث في ذلك الأمر إلا واكتشف أنه متابع لمواقع أو قنوات إباحية.

أما "نادر" (مدرس- 28 سنة) فيرى أن المواقع الإباحية هي التي كونت نظرته للجنس ومن قبلها الفضائيات الإباحية، ويؤكد أن الحل الوحيد لاختزال تلك النظرة وذلك الفهم الإلكتروني، هو أن نقف مع أنفسنا ونسأل لماذا يختلف إقبالنا على هذه المواقع عن إقبال الغرب عليها؟

ويحاول "نادر" الإجابة عن التساؤل الذي طرحه من خلال سرده لعلاقته بإحدى الفتيات الأمريكيات التي تعرف عليها على النت قائلا: تعرفت على هذه الفتاة من خلال صفحة للـ(شات الجنسي)، وبعد أن أنهيت معها كل الحوارات عن العلاقة الحميمة سألتني من أنت وما اهتماماتك؟ فتوقفت عن الحوار ولم أدر ماذا أقول لها عن شخص يقضي أكثر من 12 ساعة يوميًّا أمام المواقع الإباحية والفضائيات؟ عندها واجهت نفسي ووجدت حياتي فارغة وعرفت الإجابة عن السؤال وهو أنهم يعرفون من هم أما نحن فلا نعرف، فقررت اللجوء لطبيب نفسي وبرغم ذلك لم أقلع عن المشاهدة حتى الآن.

وتهمس "ن.و" (جامعية – 22 سنة) أنها اكتشفت أن معظم صديقاتها يشاهدن تلك المواقع ويقمن بمحادثات جنسية بشكل يكاد يكون يوميا، ولكنها ترى أن الفتاة في تكوين نظرتها للجنس ترتبط أكثر بالاستماع لمن لهن الخبرة العملية أكثر من ارتباطها بالمواقع، وتؤكد أن تكوين الخبرة من خلال تلك المواقع في مجتمعنا يسبب الأمراض النفسية، وتفضل الاعتماد في ذلك على مصادر علمية لا تعتمد على الإثارة، ومن خلال المراحل الطبيعية المتفقة مع كل سن.

سلبيات بالجملة

وتتفق الرؤى السابقة للتأثير السلبي لهذه المواقع مع رؤية "آلفين كوبر"، باحث اجتماعي، الذي وجد من خلال إقامته ندوات حول علاج الإدمان للجنس الخيالي أن 15% من مرتادي المواقع الإباحية على الإنترنت يقومون بتطوير سلوك جنسيّ يعرقل حياتهم، ويسبب لهم مشاكل جنسية، إما بسبب فرط الاستمناء، أو بسبب الانعزال الجنسي، بحيث يصبح الحاسوب هو الملاذ الآمن لممارسة الجنس الخيالي.

يعلق "د.محمد المهدي" رئيس قسم الطب النفسي بكلية طب دمياط جامعة الأزهر قائلا: قبل مشاهدة تلك المواقع أو أي نافذة إعلامية تقدم المواد الإباحية كان هناك نوعان من التصور عن الجنس: أولهما: نوع غامض بلا ملامح لا يحرص أصحابه على تدعيم الرؤية الذهنية أو التصور الذهني للعلاقة الخاصة، وهذا النوع هو بعيد عن الثقافة الجنسية التي لم تكن تأخذ من تفكير أصحابها وقتًا يُذكر.

ويرى "المهدي" أن بعض الأفراد من هذه الفئة لم يكونوا أصحاب تصور واضح حتى لشكل الأعضاء الجنسية عند كل طرف من الجنسين، أما النوع الثاني فهو تصور ساذج لا يعدو بعض المناظر والتخيلات التي تُثبّت فهمًا واحدًا للعلاقة الجنسية وممارستها، وكلا النوعين وقع في إشكالية غاية في التعقيد بعد مشاهدة المواقع الإباحية، فحينما يصطدم أصحابهما بهذه المواقع وما تقدمه من مواد كاشفة عن مشاهد لم تكن تتجاوز الخيال في عقولهم، مستعينة بذلك بعلوم مختلفة من الصوتيات والضوء والإخراج والتجهيز الحواري والحركي، تغيرت النظرة، واختلف التصور وانتقل إلى تصور تملؤه الإثارة الجياشة، وظن مرتادو هذه المواقع أن هذا هو الجنس وهذه هي طبيعته الممكنة – بل الوحيدة- التي يجب تطبيقها ممارسةً، في حين أن هذا لا يمت للحقيقة بصلة، فالجنس عند مرتادي هذه المواقع أصبح إجرائيا، أي أن هناك أشياء وخطوات وطقوسا يجب أن تُتخذ من أجل الممارسة، بغض النظر عما إذا كانت هذه الممارسات والطقوس ممكنة أو غير ممكنة، فأصبح لدينا تصور منقوص ومشوه للعملية الجنسية، فالصوت والضوء والإخراج والتدريب كل هذه أشياء توفرت لصناع هذه النوعية من الأفلام يصعب توافرها على أرض الواقع لمن يمارس العلاقة سواء كان تحت مظلة شرعية أو غير شرعية.

كذلك فإن النظرة المكتسبة من خلال المواقع الإباحية تحمل فهمًا مختزلا للحياة، حيث جعلت الجنس هو محور الحياة، ومن أكبر الأدلة على أنها نظرة مستحيلة بل معطلة للحياة أن مرتاد المواقع الإباحية يُضحي بمعظم وقته للمشاهدة في ظل إغراءات علمية مقننة من هذه المواقع، فيخلق هذه الرؤية المغلوطة التي تجعله مستغنيًا بها عن الواقع، بل إنه أحيانًا يفضل الاستمناء أمام الحاسوب على أن يعاشر زوجته، وهذه هي الإثارة المرتبطة بالجهاز، فقد أصبح هذا الرجل لا يُثار إلا من خلال الصورة المدعمة بإضاءة تمثيلية وأصوات معالجة إلكترونيًّا، مما أضعف دور شريك الحياة بشكل عام على المستوى الجنسي.

ويتفق معه في الرأي "د. محمد رشيد" رئيس قسم علم الاجتماع بآداب أسيوط، الذي يرى أن انصراف الشباب عن الزواج من أبرز سلبيات تلك المواقع، وأن هذا الارتباط الشرعي أصبح يتم بغير حماسة، ولكن بيأس اجتماعي ونفسي واضح؛ لأن منهم من يعلم أنه لن يحقق ما يريد من الناحية الجنسية، ومنهم من يظن أن ذلك الواقع الإلكتروني سوف يسقط على واقع حياته بعد الزواج، لكنه يُصدم ويرتد اجتماعيًّا، فسرعان ما يفكر في الطلاق أو يعيش حياة زوجية باردة مليئة بالمشكلات وتكسوها ملامح الندم.

ويؤكد "رشيد" أن النظرة إلى الجنس التي اكتسبها الشباب المرتاد على المواقع الإباحية مرفوضة اجتماعيًّا لكونها حوّلت المرأة في أعينهم إلى مكونات جسدية فقط، فما هي إلا (صدور وأرداف وسيقان) فضاع المعنى الحقيقي لوجود المرأة، وهذا بطبيعة الحال يعرقل الحياة ويُثقل من كاهل الطرف الآخر المشارك بالعملية الجنسية لكونه يسعى إلى إرضاء شريكه بشتى الطرق.

ويشير إلى أن هذا التصور الإلكتروني للجنس كثيرًا ما يصل بصاحبه لدرجة الإدمان، فيتعلق "مركز التعزيز" في المخ بهذه المثيرات على المستويين الحسي والبصري، وهو ما يجعل مرتاد هذه المواقع كلما ابتعد عنها عاد إليها مشتاقًا بل معوّضًا لفترة البُعد، وتصبح المشاهدة عنده أمرًا قهريًّا لا يستطيع مقاومته، وبناء على ذلك تتقلص المساحات الأخرى في الحياة، ولذلك فالاعتماد على المواقع الإباحية في تكوين فهم صحيح للجنس أو نظرة سليمة عنه هو طريق معقد وسلبياته بالجملة.

واقع جديد

أما الدكتور "أحمد عبد الله" مدرس مساعد الطب النفسي جامعة الزقازيق.. فيرى أننا في الأصل نفتقد إلى أي تصور عن العلاقة الحميمة، وليس لدينا من الأصل إدراك لمفردات حياتنا، وبما أن هذه العلاقة هي أحد مفردات الحياة، مثلها مثل الترفيه والاجتماعيات والإنجاز والنجاح، فهي حاجة إنسانية لا غنى للإنسان عنها، ونحن – كمجتمع شرقي- نفتقد أصلا هذه المفردات، وعلى رأسها التصور السليم عن هذه العلاقة، وعلى ذلك فعندما وجدنا أن هذه المواقع تقدم لنا هذا الرافد المهم وبسخاء وبدون أي عوائق، كان من الطبيعي أن تكون هي مصدر تكوين مفهومنا للجنس وممارسته بل موقعه من الحياة.

ويرى "د.عبد الله" أن تصور الجنس محتويًا على أوضاع مثيرة وأساليب جديدة ومقدمات مُشتعلة ليس عيبًا، وحسب رؤيته فإن هذه الأمور لا بد أن نسعى لابتكارها ضمن سياق ضبط وإيجاد واقع حقيقي مناسب لحياتنا، إلا أننا اضطررنا لجلبها من تلك المواقع التي أوقعتنا في إشكالية اختلاف التعاليم والعادات والأعراف.

ومن هنا يؤكد أن نظرتنا للجنس لن تكون سليمة إلا إذا أوجدنا واقعًا صحيًّا سليما يجعلنا نتسق مع أنفسنا، ولن نشعر بحل هذه المشكلة إلا إذا أصبح الشاب يغلق الموقع الإباحي ويتجه إلى عمله، كما يغلق برنامج تلفزيوني اجتماعي، عندها فقط سيكون قد وضع نفسه على الطريق السليم، فلا مهرب من سيطرة هذه المواقع على العقول إلا من خلال بناء حياة متكاملة؛ لأننا في حكم الموتى بالفعل، وعلى المجتمع أن يقود حملة تدعو إلى تزويج الشباب والبنات في سن مبكرة ولتكن سن الجامعة وبشكل علني، حتى نتجنب كل تلك المشاكل والانحرافات والعُقد والأمراض النفسية التي تتراكم حتى أصبح المجتمع بلا حيلة في مواجهتها.

وينهي حديثه متسائلا: أيهما أهون؟ ما سيترتب على الزواج المبكر؟ أم ما نراه مترتبًا على زيارة تلك المواقع من هدم لقيمة الجنس والإحساس به، وربما الانحراف نحو الشذوذ والتصورات الخاطئة وبالتالي العزوف أصلا عن الزواج أو التعامل معه بيأس؟

عمر طاحون-إسلام أون لاين

قبل البدء!

قبل البدء يجب أن نعرف أن أكثر الشعوب كتابة لكلمة sex بالانجليزية هم المتحدثون بالعربية، وتتربع مصر المركز الاول بين كل دول العالم يليها الهند ثم تركيا..مما يعني أن هناك حاجة ملحة لوجود هذه المدونة!
قبل البدء يجب أن نعرف بأن "الجنس" سنة كونية، وغريزة وهبها الله للإنسان كي تستمر الحياة..

قبل البدء يجب أن نعرف أن سبب العديد من حالات الطلاق هي سوء المعرفة بأحوال الجنس..

قبل البدء..نقول لكم أننا افتتحنا هذه المدونة لجمع أهم ما كتب وقيل في الجنس..والرهان طبعا أن نعيش سعداء.
نتمى أن نقدم لكم المفيد دوما ..بعيدا عن الأخطاء التي تكتب يوميا حول هذا الموضوع المهم